( ياسر قشلق )
كم مرّةً سنموت حتى تخرج لنا جنازة..
وكم مرّةً سندفن تحت التراب، حتى نرقد بسلام..
وكم حرباً سنخوض لنُهزم أو ننتصر..!!
إلى متى سيحبسنا الزمان ما بين بين؟!
بين أملٍ وخيبة؟!
بين لهفةٍ ولامبالاة..!
بين حقيقةٍ وخديعة!
إلى متى..؟!
اخدعني مرًّة عارٌ عليك..
اخدعني مرّتين عارٌ عليّ..!
ونحن أُمّة العار بلا منازع.. خُدعنا ألف مرةٍ ومرة ولا زلنا نبتسم بخبث بدويٍّ أحمق يظن أنه يمتلك فراسة!!
نحن أمة العار بلا منازع مذ صدقنا أننا أمة واحدة!!
ياسر قشلق
* * * * *
نحن ملوك الانتظار!!
إن اعتدى علينا غازٍ ننتظر من يحررنا..
وإن سرقنا لصٌ ننتظر من يرد حقوقنا..
وإن ظلمنا مستبدٌ ننتظر من ينصفنا..
وإن انتشر “وباءٌ” ننتظر من يداوينا..
نحن ملوك الانتظار.. ألم أخبركم أن الزمان حبسنا ما بين بين؟!
فها نحن ذا نقلِّبُ أحوالنا بين العلم والدين..
ولكن للأسف، لا علمنا بكافٍ لنكتشف دواء، ولسنا بمؤمنين حقاً لنعيش الطمأنينة فنستريح ونريح، لذلك ترانا – وفي خضم احتقان العالم بأسره بحثاً عن حلٍّ لما حل به – نفرك أيدينا ونتفلسف في الموت كـ”نيتشه” فكاهي، واقفين بِذُلٍّ على طابور الحياة نستجدي لقاحاً، فنموت في ذروة “انتظارنا” بحزامٍ ناسفٍ أو ضربة شمس.. أو حتى بالتدافع!!
نحن ملوك الانتظار والمؤامرة كذلك..
نتآمر على أنفسنا..
ضعفنا بوجه قاتلنا مؤامرة..
هجرنا العلم مؤامرة..
تخاذلنا مؤامرة..
ما كنا يوماً أبطالاً في الحروب، ولا شجعاناً في السلام..
كنا متآمرين.. وكنا قبائل تقتل بعضها بعضاً..!!
أصيب العالم بجرثومةٍ فاتحد بأسره ضدها! ونحن أصابتنا كل جراثيم الخليقة وبقينا متفرقين.. يا عارنا!
يا عارنا كم “جرثومة متفجرة” سقطت على بغداد وغزة ودمشق وبيروت..؟!
كم “جرثومة جوعٍ” قتلت أطفال “بلادِ العرب أوطاني”..؟!
كم “جرثومة فقرٍ” أنهكت شعوب الـ”أمةٍ عربيةٍ واحدة”..؟!
يا عارنا.. إن كان ما يغزو العالم اسمه “وباء”، فماذا نسمي ما غزانا على مر مئات السنين؟!
وهل هناك مختبرٌ واحدٌ في العالم ينتج لنا مصلاً يداوي كرامتنا ولنذهب بعدها نحن والكورونا إلى الجحيم..؟!
ما أجمل الموت بكرامة..
ما أجمل الموت بعد أن نحرر ولو شبراً واحداً من هزائمنا.. ولو موضع عَلَمٍ نرفعه أو حتى طعنة سكين!!
ما أجمل الموت بعد أن نكتب ولو ورقة واحدةً للتاريخ وإن كانت اعترافاً بعجزنا.. ولو حتى جملة أو نقطة قلمٍ في آخر العمر!!
ما أجمل الموت بكرامة!
ماذا بعد؟
لا شيء، يا صديقي
سوى أنني أفتقد من قال: “أربّي الأمل”.. قتله كورونا القهر والظلم.. وربما خيبات الأمل..!
* * * * *
وآخر طرائف “أمة الفكاهة” أنها غضبت على الصين لأنها تأكل كل شيءٍ يتحرك فتتسبب بالأوبئة والأمراض، ونسيت “خير أمّةٍ أخرجت للناس” أنها تأكل بعضها بعضاً..!
يا صديقي.. ما كنّا بحاجةٍ لكل هذا الكم من الأنبياء والمرسلين والمفسرين والدعاة والملاحدة لنعود لجادة الصواب، كنّا فقط نحتاج لفيروسٍ بقدرة “كورونا”..!!
“كورونا” الذي استطاع بأشهرٍ معدودة أن يعيدنا للقراءة والعبادة والخلق الحسن..
ولو بقينا سنين قليلة فقط نسير على نفس الدرب، ربما نجد كرامتنا مرميةً على قارعة الطريق!